skip to Main Content

لقاء صحفي لرئيس الحزب الديمقراطي محمد صوان مع صحيفة LIBYAN TODAY 24

  1. نبدأ معك بالسؤال حول رأيك كرئيس حزب عما حدث في انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة؟
    الجواب
    في رأيي أن انتخابات المجلس الأعلى للدولة تعتبر نقطةً إيجابيةً تتكرر كل عام، بتجديد ولاية رئيس المجلس، وهو تقليدٌ إيجابيٌّ حافظ عليه أعضاء المجلس بنجاح طيلة السنوات الماضية، إلا أن ما جرى في الانتخابات الأخيرة يرجع بالأساس إلى اختلافٍ في الآراء وهذا أمرٌ طبيعي، وفي مفاهيم الديمقراطية فإن ما يحسم الخلاف دائماً هو الصندوق.

شاهد الجميع ما حصل في جلسة التصويت، وقد نقلته وسائل الإعلام صوتاً وصورةً على الهواء مباشرةً، وجاءت ردود الفعل على إثر ذلك في مُجملها واضحةً من أن موقف السيد محمد تكالة غير صحيح ولا يليق برجل دولة يتحمل مسؤولية منصب كهذا.

النتيجة كانت محسومةً وواضحة، والنص القانوني واضح للجميع، والورقة التي أُثير بسببها الخلاف استُبعدت أثناء الفرز، وبقت مرميةً جانباً ولم يتم اللجوء إليها إلا بعد حساب الأصوات واكتشاف أن الفرق بين المرشحين صوتٌ واحد.

هذا الأمر في وجهة نظرنا هو فجورٌ في الخصومة، وقد ذكرت في تصريحٍ سابقٍ لي عقب الإعلان عن النتائج أن السيد محمد تكالة يتحمل مسؤولية أي شيء سلبي يقع على المجلس، وهذا لا يُعد انحيازاً لطرفٍ على حساب طرفٍ آخر.

  1. وهل يشهد المجلس حالة انقسام بسبب هذا الخلاف؟
    (الجواب)

في الحقيقة كل الاحتمالات واردة، ولكن في هذا الباب هنالك نقطتان يجدر الإشارةُ إليهما

النقطة الأولى -والأهم- وهي المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن تتعامل مع الحالة الليبية على أساس الإعلان الدستوري وتعديلاته واتفاق الصخيرات الذي جدد شرعية هذه الأجسام ويتعامل معها في الحد الأدنى لتأسيس أي شرعية قادمة وعلى الرغم من تآكل شرعيتها وضعفها إلا أنها تبقى أفضل من “لا شيء”
النقطة الثانية وهي لا بد أن نفرق بين ردود فعل عموم الناس الغاضبة ومستوى الإحباط الذي يشعر به المواطن على كل المستويات أما ميدان العمل فهو يتعامل مع إكراهات الواقع المعقدة ويواجه جملة من الصعوبات والتحديات الداخلية والخارجية الصعبة ولذلك فكل الجهود هي لمحاولة التخفيف من الأزمة ومنع الانهيار بالكامل والمحافظة على الحد الأدنى من أجل إيجاد فرصة للبناء عليها ومن له دور فاعل في إيجاد حل للأزمة السياسية الليبية يُدرك أن تلاشي هذه الأجسام البرلمان ومجلس الدولة مهما كانت الدوافع ليس في مصلحة إيجاد حل للأزمة ،وذلك على الرغم من ضعفها وما فيها من مساوئ
إلا أننا نقول أن تآكل هذه الأجسام أو إنهائها بشكل عشوائي لن يغير الوضع إلى الأفضل، إلا لو تم هذا عبر تسوية صحيحة وانتخابات تُنتج أجساماً جديدة، وهذا ما نرجوه ونطمح إليه.
بعد الأحداث الأخيرة التي شهدها المجلس الأعلى للدولة، لابُدّ أن نُجيب على السؤال التالي “هل من الممكن لهذا المجلس أن يتمزق؟” … نحن لا نرجو ذلك كما أسلفت وفي تقديرنا أنه حتى وإن حدث ذلك وبقى هذا الجسمُ منقسماً فإن المجتمع الدولي كما بينت سيكون ملتزم بقرارات مجلس الأمن وربما يلجئ إلى اختيار أعضاءٍ بشكلٍ فردي من كلا المجلسين ثم يذهب إلى تسوية كما فعل في تسوية جنيف والصخيرات ، ومن هنا نقول أن الخاسر الأول والأكبر في حالة انقسام المجلس هم الأعضاء أنفسهم، لأن وضعهم وصورتهم أمام الشارع الليبي ستكون أسواء مما هي عليه الآن، وستذهب ريحهم ولن يكون لهم أي شأنٍ أو تأثير .

في لقائي مع السيد تكالة بعد استلامه مهامه كانت أول نصيحة له أن يحافظ على استقلالية المجلس ولا يرتهن لأي جهة لأنه صاحب شرعية ولا يملي عليه أحد شيء

لا حكومة ولا مليشيات لان قوته تستمد من استقلاليته ، وأن ينأى بنفسه عن أي تجاذبات، المؤسف هو تحول المجلس خلال السنة الأخيرة إلى تابع للحكومة وليس العكس كما ينبغي وهذا في رأينا أساس المشكلة الحالية.

  1. البعض اتهم تيار الحزب الديمقراطي ومعهم العدالة والبناء بأنهم وراء حالة الانقسام داخل المجلس بعد تشكيلهم لكتلة التوافق مع مجلس النواب؟

(الجواب)
اتهام الحزب الديمقراطي بأنه وراء حالة الانقسام هو منافي للواقع ، إن الدفع بحل توافقي يجمع جميع الأطراف هذا مشروع ورؤية الحزب الديمقراطي، الذي لم يكف عن الصدع بها والدعوة إليها وتحمل الحزب في سبيل ذلك كل أنواع الاتهامات بالتخوين والعمالة كل ذلك بحجة أننا مددنا أيدينا لكل الليبيين سعيا لطي صفحة الصراع و إيجاذ تسوية يشارك فيها كل الخصوم ونتناسى الجراح وكان ذلك من الصخيرات لتوحيد البلاد والتوافق ثم جنيف بدعم الحزب قائمة موحدة تجمع المستشار عقيلة صالح وباشاغا وجويلي ، ثم دعمنا حكومة السيد فتحي باشاغا، بعد أن توصلنا إلى تسوية مع البرلمان ومع السيد حفتر إلا أنها قُوبلت بِمُعارضه داخلية وخارجية تبعا للمصالح وقد وكانت في تقديرنا فرصة لتوحيد ليبيا تحت حكومة واحدة .
نحن في الحزب الديمقراطي نرى أنه لا حل في ليبيا إلا من خلال توافق بين جميع الأطراف، ونحن ماضون في هذه الرؤية.
يوجد بعض الأعضاء بمجلس الدولة يرون أن أي تقاربٍ مع الطرف الآخر في المنطقة الشرقية يُعد تضييعاً لمستقبل البلد وخيانةً وعمالة –وفق تصورهم- ، وحتى هؤلاء تواصلنا معهم وخاطبناهم مراراً وطلبناً منهم أن يُقدّموا رؤيةً بديلةً عن التوافق للحل، فنحن في ليبيا أمام ثلاث خيارات، الأول هو نشوب حرب شاملة بين الطرفين وأن يتمكن أحد الطرفين من سحق الطرف الآخر، وهذا أمر ليس مقبولاً ولا مُرحباً به، ولا يُريده أحد وأظنه غير ممكنا.

لذلك ذهبنا إلى الخيار الثاني وهو محاولة احتواه المشروع العسكري عبر حكومة موحدة يشارك فيها الجميع ، لتكون هذه الحكومة، حكومةً واحدةً تعمل من كل مكانٍ في ليبيا، وتحظى بموافقة الجميع.

أما الخيار الثالث المطروح، فهو أن يستمر الوضع في ليبيا على ما هو عليه الآن، وهو الخيار الذي يتمسك به الطرف الرافض للتوافق وتيار التأزيم ، وهذا الخيار هو السائد الآن انقسام على كل المستويات هدر متزايد لثروات اليلاد انفلات أمني غير مسبوق مستوى اقتصادي متردي والوضع يسير إلى انحدار كارثي يهدد ما تبقى ويجعل الوصول إلى حل أمر صعب ومكلف لأن الوضع الحالي يعني بالضرورة استمرار التشظي واستمرار الانقسام واستمرار هدر المال العام، واستمرار ضياع ثروات البلد واستمرار معاناة المواطن.
إذا هذه هيا الخيارات الثلاثة المطروحة (الحرب أو التوافق أو استمرار الوضع)، وبإمكان المتابع نفسه أن يحكم أيٌّ من هذه الخيارات هي الأنسب لاستقرار البلد

ونحن قلنا لخصومنا من له خيار رابع أفضل فليطرحه

  1. وما رأيك في جدية وفاعلية التواصل بين مجلسي النواب والدولة في هذه المرحلة؟
  2. البعض اتهم كتلة الحزب الديمقراطي داخل المجلس الأعلى بأنهم يعقدون الصفقات مع عقيلة والبرلمان لتصفية حساباتهم مع حكومة الدبيبة وفقط؟

(الجواب)
الحزب الديمقراطي ليس لديه إلا صفقة واحدة يسعى لها وهي توحيد البلاد وإنهاء الأزمة وهذا ما يشهد به كل متابع منصف ، فالآن ليس هنالك أي مجال للحديث عن صفقة سياسية في ظل ضياع مقدرات الدولة، وانتهاك سيادتها، وانفراط عقدها على كل المستويات.
لذلك فإننا في الحزب نسعى من خلال خيار التوافق إلى الوصول إلى تسويه تُعيد الأمور إلى نصابها، وتُأسس لبناء الدولة، وهذا ما يُقر به كل منصف.

أما الحديث عن وجود صفقات مع أي طرف فهذا اتهام باطل يُردده بعض خصوم الحزب الذين لا يملكون إلا النقد من منصة المتفرج دون تدليل ولا حجة.

وبالحديث عن موقفنا من الحكومة الحالية في طرابلس، فنحن نُجدد الإعلان والتأكيد على أن هدفنا في الحزب الديمقراطي ليس مُجرد تشكيل حكومة جديدة ولا تصفية حسابات مع الحكومة الحالية سواءً في الشرق أو في الغرب.

لذلك فإننا لن نذهب في تشكيل حكومة جديدة ما لم تتوفر الشروط الأساسية لنجاحها، إذ ليست الغاية هي إضافة حكومة أخرى تجلس في طرابلس.

لذلك فإن من أهم شروطنا هو
أن تكون هناك ترتيبات وضمانات داخلية ودولية لمباشرة أي حكومة جديدة لعملها من كل ليبيا دون موانع وهذا يتطلب توسيع دائرة التوافق بين الأطراف الفاعلة ويتطلب أن يتحمل المجتمع الدولي و الأمم المتحدة مسؤليته الكاملة في الرعاية وتقديم الدعم والاعتراف وردع المعرقلين المستفيدين من استمرار الفوضى.

وفي تقديري أن مستوى الانهيار الأمني والفوضى وانتهاك السيادة في الجنوب الليبي والهجرة الغير شرعية والتهريب والطاقة كلها تتقاطع مع أمن المتوسط والمنطقة بأسرها وهذا ما سيدفع الأطراف الدولية من منطلق مصالحها إلى الدفع بتسوية وهذا ما نراقب بوادر تحققه وعلى القوى السياسية أن لا تقف مكتوفة الأيدي وهذا ما يدفعنا إلى محاولة لملمة شتات التيار الوطني في البرلمان ومجلس الدولة وتجمعات الأحزاب السياسية والتنسيقيات والتجمعات التي يتواصل معها الحزب وينسق معها المواقف السياسية وحركة الحزب الديموقراطي في هذا الاتجاه هي ما أثارت حفيظة الخصوم للتشكيك في نوايا الحزب ومساعيه.

إذا اردنا ان نصل إلى محطة الانتخابات بسلام فلا يكون الهدف هو مجرد تشكيل حكومة دون الشروط التي ذكرت لأنه لا طائل من حكومة ثالثة، ولو عرض علينا الآن تشكيل حكومة جديدة بدون توفر هذه الشروط والأهداف فلن ندعمها.

نحن في الحزب الديمقراطي نسعى لصناعة توافق بين أغلب الأطراف الفاعلة بشكل يُفضي إلى إنتاج حكومة موحدة، وهذا الأمر لا يتأتى إلى باتفاق جميع الأطراف بما فيها الحكومتين الحاليتين شرقاً وغرباً

  1. وما رأيك في فكرة تشكيل حكومة موحدة في هذا التوقيت؟
    (الجواب)
    سبق وأن ذكرت ذلك بكل وضوح، الغاية بالنسبة إلينا لا تكمن في تشكيل حكومة جديدة أو إسقاط الحكومات الحالية وليكن بعد ذلك ما يكون، أو ليأتي بعد ذلك من يأتي… هذا ليس صحيحاً، في ظل المشهد الحالي الممزق تماماً نحن لا ندفع باتجاه تشكيل حكومة إلا عند تحقيق توافق داخلي كافي بين جميع الأطراف وبدعمٍ دولي، وإلا فإن مُحاولة تشكيل أي حكومة لا تعدو كونها استنساخ للحالات السابقة التي مرت بها، بالبلد وزيادةً في الانقسام، وإطالةً لعمر الأزمة.
    إذا وفي المحصلة أقول نحن كحزب لدينا شروط واضحة قبل المضي في تشكيل أي حكومة وهي توافق داخلي معقول بين الأطراف النافذة أو الجزء الأكبر منها، وتأييد دولي كافي، باعتبار أن الأطراف الدولية باتت تُأثر على الأطراف الداخلية مع الأسف، وتهيئة الرأي العام لهذا التغيير بشكل جيد.
  2. وكيف ترى الموقف الدولي من هذا الطرح ومن كل التطورات في المشهد العام في ليبيا؟
  3. وما الدور الذي يمكن أن تلعبه الأحزاب والتيارات المدنية لمنع حدوث انسداد سياسي؟
    الجواب
    الموقف الدولي في ليبيا وغيرها يُعاني من انقسام حاد تُجاه العديد من القضايا الكبيرة في العالم، وهو يمر الآن بأسوأ حالات الانقسام
    هذا الأمر يبدو أنه سنة كونية عامة في كل المكونات المادية والمعنوية، فعُصبة الأمم –أو الأمم المتحدة كما كان يُطلق عليها- في بدايتها تأسست على قوانين الصراع إبان الحرب العالمية الثانية وهي تمر بدورة حياة عادية طفولة شباب كهولة شيخوخة انهيار
    ولدت في البداية قوانينها واعرافها الدولية ثم مرت بفترة “شباب” إن جاز التشبيه حملت فيه مجموعة من القيم الإيجابية في شتى المجالات في تقديرنا هي تمر بمراحل التصدع والانهيار، ما لم يتم إعادة النظر والترميم لأنه مع تلاحق الأحداث والصراعات والأزمنة أصبحت تلك المبادئ والقيم تتلاشى شيئاً فشئياً، ولم يبق منها إلا بعض الجوانب في الحد الأدنى، وذلك نتيجةً لحجم التجاذبات وعمق الخلافات، وتقاطع المصالح وتعارضها.

هذا الأمر عصف بالمجتمعات في العالم وكان له انعكاسات كبيرة على العديد من الدول، وليبيا ليست استثناءً من هذه المعادلة وهذا الوضع، فالتضارب والانقسام الدولي شجّع بعض الأطراف على التدخل بشكل سلبي في ليبيا وفقاً لمصالح تلك الأطراف.
ليبيا ينظر إليها الآن على أنها تُمثل بُعداً “جيواستراتيجي” مهم جداً للعديد من الدول، وربما لم يكن هذا الأمر ملحوظاً في السابق ولكن بعد ارتفاع وتيرة التوسع على حساب افريقيا وتصارع الدول الكبرى على هذا الفضاء الغني واحتدام الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي، هو ما حول ليبيا لمصدر جذب للاهتمام بين القوى الإقليمية والدولية لتمتعها بموقع جغرافي وثروات هائلة وحدود جغرافية هائلة، وجغرافيا تربط أوروبا بإفريقيا والشرق بالغرب؛ كل هذه أمور لابد أن تُوضع في الاعتبار بالتالي من الطبيعي أن يحصل مثل هذا الصراع.

أعتقد أن الأطراف الدولية ستتدخل في الملف الليبي دون الحاجة لوُكلاء كما كان يحدث في السابق، في رأيي أن كُرة الثلج بدأت تتدحرج للدفع باتجاه تسوية برعاية دولية على مستوى عالي، وذلك يرجع لانتباه الأطراف الدولية لتبعات وانعكاسات الفوضى في ليبيا، هذا الأمر لا يعني أن هذه الأطراف الدولية مستعجلة لإيجاد تسويات قريبة، لأن الفوضى والانقسام ربما يفتح أحياناً بعض الفرص، وهو ما ترتب عليه سماح هذه الأطراف بوجود بعض الفوضى لترك مساحات وخلق فرص للتدخل وإعادة تشكيل الخارطة من جديد.

أما عن موقف القوى السياسية الليبية، كل متابع يلاحظ خلال السنة الأخيرة تزايد اهتمام وتركيز الحزب الديمقراطي على تكوين تيار وطني واسع وكان الحزب في طليعة القوة السياسية التي دعمت الوفاق السياسي، وتواصلت مع العديد من الأحزاب والائتلافات والتنسيقيات، وأسست عدد من التجمعات والتكتلات الكبيرة بغرض إعطاء نفس جديد للعملية السياسية، وتشجيع المزيد من الأطراف على لعب دور واضح، وتوجيه رسالة من خلال ذلك للمجتمع الدولي بأن ليبيا ليست مُجرد مسرح تتصارع فيه المليشيات والتشكيلات المسلحة، بل هناك قوى سياسية تطمح لبناء دولة مدنية وبكل صراحة نقول أننا نجحنا بالشراكة مع غيرنا في استعادة الزخم السياسي، تمثل ذلك بتشكيل ائتلافات وفعاليات وتشكلت أحزاب وانضمت إلى بعضها في روابط وتنسيقيات وأصبحت تُعبر عن مواقفها بكل قوةٍ وشجاعة وصراحة بالرغم من الضغوطات، وهذا أمر يُحسب للحزب الديموقراطي بخبرته وكوادره ومساهماته الواضحة مع شركاءه من القوى السياسية الأخرى

  1. وبرأيك.. ما الآلية الناجحة التي تصل بالبلاد إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية؟

الأزمة الليبية متشابكة ومعقدة ولا يمكن لأحد أن يزعم امتلاكه مفتاح سحري للحل، فالأزمة الليبية تحتاج لتفكيك تدريجي والانتقال من الوضع المتمزق إلى وضع أكثر تماسكاً، هكذا تُبنى العملية السياسية، وهذا ما نقوم به عبر وضع استراتيجيات تحد من حالة الانقسام وتمنع انفراط العقد بالكامل، ولهذا السبب تحديداً ندعو إلى المحافظة على ما تبقى من أجسام سياسية للعبور بها إلى حل يُنهي الانقسام.

نُحاول البناء على هذه المُعطيات عبر إيجاد تيار وطني يتمسك بالدولة المدنية ويضمن حقوقها رغم التضييق والفوضى وتكميم الأفواه الذي تشهده البلاد، وكما ذكرت سابقاً قد نجحنا إلى حدٍّ ما في ذلك، بالرغم من أن هذا النجاح قد يكون غير منظور للمواطن البسيط الذي لا يرى أن الاستقرار قد تحقق، بالتالي فإن هذه المجهودات قد لا تعني له شيئاً، إلا أن المتابعين للشأن الليبي يدركون أهمية هذه الجهود ودورها في التأسيس لقاعدة مشتركة تضم الجميع.

نحن مازلنا حريصين على لملمة التيار الوطني، لأن الآلية الناجحة تبدأ من الانطلاق الذي يحتاج إلى العزم والإرادة الحقيقية للوصول إلى حل جذري للأزمة، لذ فإننا ندعو للمحافظة على الأجسام الحالية ومحاولة ترشيدها، وإعطاء رسائل قوية للمجتمع الدولي ليتحمل مسؤوليته الكاملة، فهناك مجموعة عوامل لإنجاح أي حل، منها عوامل داخلية بتشكيل كتلة سياسية واضحة تُساهم في أي تسوية، والاستفادة من الأخطاء السابقة، والتواصل مع الدول الصديقة والكبرى لصناعة مُقاربة تمتزج فيها مصالح ليبيا مع مصالح هذه الدول.

هذه العوامل تحتاج لوجود مشروع ورؤية يؤطرها، ثم تحتاج إلى طرف يتولى تنفيذها، لهذا كان هدفنا دائماً اتفق الأطراف المحلية لإنتاج حكومة موحدة يرضى بها الجميع، باعتبار أن هذا السبيل هو الوحيد الذي سيُحقق باقي الأهداف وعلى رأسها الانتخابات وتوحيد المؤسسات، وتقنين توزيع الثروات، وتنظيم السلاح، وتحقيق الأمن والحياة الكريمة للمواطن.
كل ما تقدم لا ينفك عن ضرورة وجود إرادة دولية تكبح جماح كل المستفيدين من الفوضى والراغبين في استمرارها

  1. وبصفتك رئيسا لحزب له قوة داخل المشهد السياسي.. هل تؤيدون انتخابات متزامنة أم منفصلة؟
  2. وفي وجهة نظرك من المعرقل الأول في وجه العملية الانتخابية؟
    الجواب
    أبرز مُعرقل للعملية الانتخابية هو الانقسام والخلاف بين الأطراف المتنفذة في البلاد، وهذه الأطراف تتمثل في الحكومات، والمجالس النيابية الموجودة، والقوى العسكرية في الشرق والغرب، والتي تحولت إلى “كنتونات” تُسيطر على مناطق نفوذ، وتجني الأموال من خلال حركة التهريب، والسيطرة على مؤسسات الدولة والمال العام.
    هذه الأطراف المستفيدة من بقاء حالة الفوضى والانقسام هي المُعرقلة لإجراء الانتخابات.

تضارب مصالح هذه الأجسام، في ظل عدم وجود جهة عُليا قادرة على فرض القانون عليهم ستضل مصالحهم متضاربة وستتنامى قواهم ونفوذهم.
الجهات القادرة إلى انتاج حل في ظل هذه الفوضى هي القوى السياسية العاقلة والجهات الدولية التي قد تتحرك أكثر إذا تضررت مصالحها من هذا الوضع الذي قد يشكل تهديد مستقبلي لمصالحها أمنيا أو اقتصاديا أو من خلال مُعدلات الهجرة، والإرهاب وإيقاف مصادر الطاقة.وتدخلات دول بعينها للسيطرة
هذه المُهددات الكبرى قد تدفع بعض الجهات الدولية باتجاه دعم مسار يضع حد لهذه الفوضى للمحافظة على مصالحها خاصةً بعد أن باتت الفوضى في ليبيا مصدر تهديد للدول الإقليمية، كل هذا سيدفع الدول حتماً لدعم مسار يُنهي الانقسام في ليبيا، وهو ما بتنا نرى بوادره الآن.

  1. وما موقفكم من التيارت الحالية: تيار المشير حفتر؟.. تيار سيف القذافي؟.. تيار عقيلة صالح؟
    الجواب:
    الحزب الديمقراطي أكثر حزب منفتح على التواصل والحوار والتعاون مع جميع التيارات دون تخصيص في إطار المصلحة الوطنية، وقد تحمل الحزب نتيجة هذا التوجه بالاتهام بالتفريط والخيانة والعمالة والانبطاح وغيرها من التهم، لم تكن هذه الحملات لِتُشنّ على الحزب الديمقراطي وأعضاءه لولا رؤيته الانفتاحية على جميع الأطراف مهما كانت الخلافات

نحن فقط خلافنا مع من يرفض التوافق ويطلق أحكام التخوين والتضليل ويستخدم الفتوى لتأييد رأيه السياسي ويختبئ تحت مؤسسة دينية محترمة ويزاول عمل رئيس حزب غير مرخص
والشواهد على ذلك كثيرة، فقد دخل الحزب في تسوية مع إخواننا في المنطقة الشرقية على مختلف توجهاتهم من أجل جمع شتات ليبيا، فقد أجرينا العديد من التواصلات والمباحثات مع البرلمان برئاسة المستشار عقيلة صالح للوصول إلى تسويات حقيقية، إضافةً إلى الوسطيين من أنصار المشروع العسكري، وصرحنا مراراً عن آرائنا في أن كل الليبيين سواءً من أنصار النظام السابق أو غيرها تجمعنا مظلة الوطن، ومن حق الجميع ممارسة السياسية وتقلد أي منصب دون أي قيدٍ أو اعتبار، وبالتالي فليس لدينا أي تحفظ على أي تيار في ليبيا.

هذه الأمور لا تُنسينا تمسكنا بالدولة المدنية وعدم التفريط في هذا المبدأ، بالتالي فإننا لن ندخل في أي تسوية تُفضي إلى حكم عسكري أو عائلي أو دكتاتوري، ويجب أن لا ننسى أن هذه المشاريع التي نرفضها مازالت تُطل برأسها في ليبيا بين الفينة والأخرى، ونؤمن أن التعامل معها لابد أن يكون وفق إطار سياسي ويخضع لتسوية حقيقية.

  1. نود آخر التفاصيل والتطورات بخصوص محاولة اغتيال نائب رئيس الحزب، نزار كعوان؟
  2. ومن تتهمون رسميا بأنه قام بهذه الحادثة؟
  3. وهل تتوقع تكرار الأمر مع أعضاء الحزب من أجل الترهيب ؟

الجواب:
ظاهرة الاغتيالات والتهديدات يعاني منها في الواقع الحزب الديمقراطي منذ زمن، وقد حدثت العديد من المحاولات، أُعلن عن بعضها ولم يُعلن عن البعض، تنوعت هذه الانتهاكات بين الخفيفة والعنيفة من حرق المقرات والاعتداء عليها إلى التهديدات والاستدعاءات والتضييق على عناصر الحزب حتى في وظائفهم العامة
وهذه الانتهاكات بيّنت بشكلٍ جلي فعالية قيادات وأعضاء الحزب الديمقراطي وتأثيرهم في المشهد السياسي مما أنتج العديد من الخصوم الذين يطمح بعض منهم لإنهاء هذا التوجه أو الفجور في الخصومة.

وهو أمرٌ ليس بجديد، فمنذ بداية الحوارات السياسية التي تُوِّجت باتفاق الصخيرات عام 2015، سُخّر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي للنيل والتشكيك من رموز وقيادات هذا التوجه.
بل تمت الاستعانة حتى بالفتوى الدينية في المسائل الاجتهادية لإسقاط هذه الرموز، فشاهدنا بعض تلك الفتاوى ترمينا بالخيانة والعمالة والتكفير والتبديع صدرت مما يُعرف بـ”دار الإفتاء” نتيجة اختيارات سياسية.
وقد تعرض نائب رئيس الحزب للعلاقات الدولية وعضو مجلس الدولة السيد نزار كعوان لمُحاولة اختطاف مساء الثلاثاء “06 – أغسطس – 2024م” غداة خروجه من مقر المجلس الأعلى للدولة، إلا أن أفراد الحماية قد منعوا هؤلاء المجرمين من تنفيذ جريمتهم.
وبالرغم من الاعتداء على السيد نزار كعوان ومُحاولة اقتياده بقوة السلاح إلا أنه رفض الانقياد لهم، مما جعل المجرمين يلوذون بالفرار مُخلّفين إحدى سياراتهم بموقع الحادثة، ليتم تسليمها للنائب العام، لفتح محضر تحقيق بهذا الصدد، وسنكشف تفاصيل هذه العملية في وقتٍ لاحق.
قبل هذه الحادثة تمت مُحاولة أخرى في الرابع من يوليو 2024م لاغتيال رئيس كتلة الحزب الديمقراطي بالمجلس الأعلى للدولة بمدينة زليتن السيد “عبد السلام الصفراني” عبر اطلاق وابل من الرصاص على بيته.
و في مايو 2022 كانت هنالك محاولة لاقتحام مكتب رئيس الحزب الديمقراطي بالعاصمة طرابلس لم يتم الإعلان عنها عبر مجموعة تتكون من قرابة 20 شخصاً مدججاً بالأسلحة.
ولا ننسى أيضاً ما حدث خلال فترة الخلاف بين حكومتي السيد فتحي باشاغا وعبدالحميد الدبيبة، حيث زُجّ باسم رئيس الحزب الديمقراطي، مما جعل المدعي العام العسكري الراحل مسعود رحومة – رحمه الله- يُصدر أوامر استدعاء باعتباره مطلوباً للقضاء العسكري بشكلٍ غير قانوني باعتبار رئيس الحزب شخصية مدنية لا عسكرية وثم أبطلت كل هذه الإجراءات بحمد الله

إضافةً إلى ذلك فهنالك عشرات الاستدعاءات بحق أعضاء وشباب الحزب الديمقراطي، إلا أننا بالرغم من ذلك نُدرك أن هذا ضريبةُ عملنا بمشروعنا الذي نُؤمن به.

16- وهل للحادثة علاقة بدعم المرشح خالد المشري ودعمكم للتوافق والتواصل مع مجلس النواب؟
17- وهل تعتبر المشري مرشح الحزب الديمقراطي في رئاسة المجلس الأعلى للدولة أم مجرد داعمين له مرحليا؟

الجواب
لا توجد علاقة مباشرة بين محاولة اغتيال السيد نزار كعوان وما تم بالجلسة الأخيرة للمجلس الأعلى للدولة (جلسة انتخاب الرئيس) فقط، بل إن محاولة الاغتيال ترجع إلى عدة محطات لها علاقة بالمشروع الذي اختاره الحزب الديمقراطي الذي له علاقة بالتوافق والتسوية السياسية وطي صفحة الماضي ولملمة الجراح، وهو الأمر الذي ربما يرى فيه البعض تنازلاً ويرى فيه البعض الآخر مشروعاً مهدداً لمصالحهم، وبالتالي الخصومة أكبر من مُجرد مرشح لرئاسة مجلس الدولة.

النقطة الثانية هي أن السيد خالد المشري ليس عُضواً بالحزب الديمقراطي ولا نعتبره مرشحاً للحزب الديمقراطي، وما حصل في الانتخابات الخاصة برئاسة المجلس كان ضمن مشروع .

حيث يعلم الجميع أن الحزب الديمقراطي منخرطٌ في كتلة مختلطة وهي “كتلة التوافق الوطني بالمجلس الأعلى للدولة” ومن خلال هذه الكتلة يقوم الحزب الديمقراطي بالتعبير عن نفسه ورؤيته وتوجهاته عبر ثلّةٍ من الأعضاء الأفاضل بعضهم ينتمي للحزب، ونشترك مع الآخرين في الرؤية الوطنية؛ هذه الكتلة رشّحت السيد عادل كرموس، وهو عضو بالكتلة وليس عُضواً بالحزب الديمقراطي.
كان من الواضح أن الحظوظ الأكبر في المنافسة كانت بين السيد محمد تكالة والسيد خالد المشري، فكان لكتلة التوافق الوطني تصوّر لدعم أحد المترشحين، من خلال مشروع سيُكشف عن تفاصيله في وقتٍ لاحق.
هذا المشروع تضمن عدداً من النقاط والتعهدات اشترطت الكتلة على المرشحين الموافقة عليها لدعمه في الانتخابات، ومن أبرز هذه النقاط أن يلتزم المرشح الفائز بخط التوافق الوطني الذي تسير فيه الكتلة والذي نتج عنه العديد من اللقاءات كلقاء تونس والقاهرة وغيرها، إضافةً إلى اشتراط دعم مخرجات لجنة 6+6، وضرورة وضع حد للعبث بالثروات وموارد الدولة، وإعادة النظر في مسألة المناصب السيادية.

عُرضت هذه الشروط على السيد محمد تكالة والسيد خالد المشري، وقد وافقا عليها بشكلٍ شفوي، إلا أنه وقبل يومٍ واحد من الانتخابات قرر السيد محمد تكالة التراجع عن قبول هذه الشروط، وامتنع عن التوقيع عليها، فيما وقع عليها السيد خالد المشري ولم يُبدِ أي اعتراضٍ عليها، بالرغم من وجود قيد ضمن هذه الشروط يُمكن أعضاء المجلس من إجراء جلسة لسحب الثقة من الرئيس في حال لم يتم الإيفاء بهذه التعهد.

بتوقيع السيد خالد المشري على هذه الورقة اتفقنا معه حول هذا المشروع وأصبح هو المرشح الأقرب إلى الكتلة، ولو قام السيد تكالة بالتوقيع على هذه الورقة لكان من الممكن أن يكون هو الأقرب لاختيار الكتلة التي تمثلنا
وفي المحصلة أقول أن قضية اختيارنا لرئيس المجلس لا تقوم على الاعتبارات الشخصية بل مبنية على توافقات نعتقد بأنها تخدم الصالح العام في ظل ما نُعانيه من أزمة سياسية وانقسام حاد فنحن حزب نعمل وفقا لمشروع ورؤية.